لا أدري !

أطلق زفرة دخان مدوية في المدى على شكل دوائر، كل دائرة كانت بمثابة فكرة في صدره المختنق المليء بالأحاديث المبتورة التي لايستطيع البوح بها لأحد لأن أحداً لن يفهمه، وإن كتمها قتلته!

بعدما أخذ بعدّ دوائر أفكاره، أيقن بأنه أصبح أكثر براعةً في طريقة تدخينه ، فأخذ يحدث نفسه "إذاً كل شيء بالتكرار يُصبح أسهل؟ لماذا لا أجرب أن أفتح حديثاً بسيطاً مع جاري أبو هشام!
فهو في سن أبي وبسيط وطيب ، على الأقل أجد من يسأل عني ويبادلني التحية، سأجرب اليوم وسأبدأ بعدها بالتدرج في الحديث إلى سكان العمارة حتى أصبح محدثهم الأول" ، بينما كان يحدث نفسه بدأ النُعاس يتسلل إلى عينيه إلى أن غط في نوم عميق .


كان (صالح) يحب النوم دون تكييف، لأنه بعكس الآخرين لا يحب ما يصدره من هدير، كان يميل إلى الطبيعة أكثر ، إلى العزلة ، إلى أن يفتح شباك غرفته كل ليلة ليأنس بصوت أبواق السيارات ولهو الأطفال، وأحاديث جاريه حين ذهابهما إلى المسجد دون الحاجة للاختلاط بأي أحد..


في صباح اليوم التالي، الذي كان مقرراً فيه أن يُحدث كُل تغييرات الأعوام المنصرمة التي لم يُكن راضياً عنها، أو على الأقل أن يُعيد ترتيبها علّها أن تأخذ الأمور مجرىً مختلف!
بدأ بشهادة البكالوريوس الموضوعة على رف قديم والتي من الملحوظ في أطرافها بأنها كانت وجبة لابأس بها للعث ، قرر أن يُعلقها قبالة سريره حتى يتسنى له رؤيتها كلما وضع جسده المنهك على فراشه، "بهذا سأتذكر بأني لست سيئاً جداً للدرجة التي استطعت أن أقتطع مرحلة مريرة من الدراسة والإستذكار والكثير من الإنجاز" وقام بتغليفها حرارياً حتى تقيها أخيراً مما تبقى منها وتعليقها أمامه!
"والآن سأذهب للمقهى لأكمل التفكير بما سأقوم به بعد ذلك من تغيير".


وفي طريقه إلى المقهى رأى أبو هشام بابتسامته الطيّبة ذاهباً إلى عمله، ولكنه بدى مرتبكاً تماماً لأنه لم يقرر ما سيقوله له بعد، فقرر تأجيل الحديث إلى الوقت الذي يراه مناسباً.
دلف إلى المقهى وابتسم للبائع وطلب منه كعكاً،
فقال البائع : هل تريد نكهة محددة سيدي؟
-مممم لا يهم كثيراً، المهم أن لا تحتوي على التفاح، وأن لا تكون بحجم كبير، ولا أريدها مزينة بالسكر المطحون أو الشوكولاته أو التوت البري، والأفضل أن لاتكون من الكعك الذي يُصنع في أكواب .
-سيدي! أرجو أن تخبرني بما تريده لا ما لا تريده !
-حسناً، سأكتفي بالقهوة السّادة !

.




الاكتفاء بأقل الخيارات فعاليّة وأبسطها ، هو مؤشر لعدم الوضوح..

الصراحة والشفافية مع الذات والمحيط ، تجعل أغلب الامور في متناول أيدينا، ويقينا شر التراكمات والضغوط التي تولد العجز في إتخاذ القرار الصحيح تجاه

مايعنينا أو تولد الضغينة والحقد بيننا وبين من نحب!
أن تكون واضحاً يعني أن تعرف ماتريد تحديداً، تخطيط حياتك بشكل مدروس ومتناسق،
أن تفكر في ما تريده وتطوي مالا تريده مع النسيان وعدم التركيز فيه، أن لاتفوت الفرص المتاحة وهي غالباً لن تغيب عن عينيك..

الواضح حين يخطئ يعترف بخطأه ويعتذر ويبدأ من جديد، يتناقش مع من حوله حين لايفهم مايدور، يُعاتب من يحب لو وجد صدّاً أو كلمة تخدش مشاعره، لايحاول أن ينتقم أو يؤجل مايجهله حتى لايضيع في ظلام الحيرة وخلق الاحتمالات.

الواضح حر منطلق دائماً ولا يخدع نفسه ومن حوله ، يعيش اللحظة بلحظتها، لا يخدعه الزمن ، لا يؤجل ،لا يسرح في ماضيه.



خلونا نطلع من جو الفصحى شوي



كلنا نعرف ألس في بلاد العجائب، لما طلعت يوم تتمشى في الغابة فصادفها أرنب وقال لها وين رايحه الطريق اليمين ولا اليسار؟ ردت عليه: ما أعرف!
قال لها : كل الطريقين بيودونك لـ ما أعرف!


هالحال ينطبق على أي شخص ماهو عارف أي اتجاه يسلك في حياته، ممكن يكون دربه أخضر وممكن يشوف اللي مايسره إلا برجمة من ربي، العيش على الاحتمالات من أصعب الأشياء اللي ممكن تواجهنا، وعلشان نحد منها ، لابد من الصراحة التامة مع أنفسنا، وننتبه جداً لأبسط تصرفاتنا وقراراتنا، لأنه على أساسها حتتكون أحداث ممكن تكون مصيرية وكبيرة لحد مايبدأ الموضوع يفلت من بين ايدينا، وهالمفهوم يُطلق عليه أثر الفراشة!
هو استعار لفظية، أو مصطلح مجازي، يستخدم للتعبير عن مفهوم الاعتماد الحساس والمهم للحدث على الظروف الأولى المحيطة له*
ودائماً نسمع مقولة " من الممكن أن هزة جناح فراشة قد تُحدث فيضانات في أمريكا أو زلازل في الصين و اليابان" والقصد طبعاً إن التأثير الصغير جداً إلا ما يكون له أثر كبير جداً ولو كان بعد حين، وهذا مايتطلبه الوضوح ، الفعاليّة، والحضور في أصغر التفاصيل ، وبقدر الإمكان نحاول نجعل أثرنا يمتد ويمتد لحد مايوصل لأبعد مكان..

يعني بأكثر تبسيط مافيه أجمل من إننا نرجع أطفال ، ونتعامل بعفويتهم ، وببساطتهم ، وخيالهم، راح يتجلى الحضور الدائم، والإبداع ، و الحب أكيد !




انتظر ارائكم ياأصدقاء ,,

.

ميرسي ع الموضوع الحلو واللي عجبني اكثر صوورة حبيبنا الملكـ عبد الله

مشكورره
ع الموضوع الرائع
منـــــــــــوره
تقبلي مروري

الأجمل هو مروركم
نورتوا

موضوع رائع
يعطيك العافيه

يعطكى العافية على الموضوع